أما نحنفبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله ( لو 23: 41 )
ما هي التوبة؟ التوبة هي الحكم على الذات وتاريخها، هي هدم صروح البر الذاتي من أساسها، هي اكتشاف خرابنا وإفلاسنا التام، هي الشعور بإثمنا وجُرمنا شعوراً ناشئاً من فعل الروح القدس وكلمة الله في القلب والضمير، هي الحزن القلبي على الخطية وبُغضها البُغض الشديد.
ونحن نخاف كثيراً أن يُغض النظر عن التوبة في كثير من تعليمنا وتبشيرنا، نخاف أن ننسى أن "الله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا" حباً في تسهيل خبر البشارة وجعله بسيطاً، إن الخاطئ يجب أن يأتي إلى الشعور بخطيته وذنبه وهلاكه واستحقاقه جهنم إلى أبد الآبدين، يجب أن يشعر أن الخطية مُريعة جداً في نظر الله، مُريعة لدرجة أنه لم يمكن التكفير عنها بأقل من موت المسيح، ومُريعة لدرجة أن الذي يموت وخطاياه غير مغفورة، لا بد أن يُدان ويبقى إلى الأبد في البحيرة المتقدة بنار وكبريت
.
تأملوا في قضية اللص التائب على الصليب. اصغوا إلى كلماته "أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا". لقد شعر أنه محكوم عليه بالعدل، وأنه إنما يحصد استحقاق ما فعل، هذا هو الشعور بالذنب والحكم على الذات وأعمالها، وهي مقدمة الرجوع إلى الله والواسطة التي بها نستطيع أن نتمتع بخلاصه
.
فالتوبة لازمة وأعمقها أفضلها، جيد للمحراث أن يتوغل في الأرض ويقلِّب تربتها ويشق فيها خطوطاً عميقة لتتأصل فيها بذار كلمة الله، ونحن واثقون أنه كلما تعمقنا في معرفة خرابنا الأبدي، كلما ازداد تمتعنا ببر الله الذي بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون
.
على أنه يجب أن نفهم جيداً أن التوبة ليست هي عمل هذا الشيء أو ذاك، فماذا عمل اللص؟ وماذا كان يمكنه أن يعمل وهو لا يقدر أن يحرك يداً أو رجلاً؟ ومع ذلك كان تائباً وظهرت توبته في نبرات الحكم على الذات التي فاه بها، وهكذا يجب أن يكون دائماً الحكم على الخطية، حكماً سريعاً وعميقاً. ثم ماذا؟ ما هو الترتيب الإلهي؟ "توبوا وارجعوا". يا له من ترتيب جميل! فاكتشاف الذات وخرابها أولاً، ثم اكتشاف الله وعلاجه، الشعور بفراغ النفس أولاً ثم الحصول على ملء المسيح.